يرتبط كل إنسان عاطفيا بمسقط رأسه منذ ولادته. ومهما تقطعت به سبل الحياة، يبقى موطنه الأصلي هو الأعز والأغلى من أي مكان على وجه الأرض. ولكن هل تتسع أوطاننا دائما لكل ما نحلم به؟
هل تتسع أوطاننا دائما لكل ما نحلم به؟ قصة فيلم Brooklyn
بالتأكيد تختلف الإجابة من شخص لآخر. لكن ثمة أحلام متمردة ترفض البقاء حبيسة أرض واحدة، بل تبقى في بحث مستمر إلى أن تجد الأرض الأنسب لنموها.
بهذه الكلمات يمكننا تلخيص ما حدث مع بطلة فيلم بروكلين. تبدأ أحداث الفيلم في إيرلندا. وتدور قصته حول الشقيقتين أليس وهي بطلة الحكاية، وشقيقتها روز.
شخصية أليس تختلف كليا عن شخصية روز. فالأخيرة قوية الشخصية، وناجحة في حياتها وعملها، وتسعى بثبات لتحقيق أحلامها.
بينما تعاني أليس من ضعف الثقة بالنفس. وهو ما أثر بشكل كبير على سير حياتها، ونجاحها في حياتها العملية، والعاطفية أيضا.
تحاول روز دعم شقيقتها أليس بكل الطرق لتتغير حياتها. فيشق الأمر في البداية على أليس لكنها في نهاية المطاف تنجح أخيرا في ذلك، ولكن كيف؟
بمساعدة أحد الكهنة تتمكن روز من توفير فرصة سفر وعمل لشقيقتها أليس في أمريكا. ومن هنا تودع أليس نسختها القديمة، وتظهر للحياة بشخصية مختلفة.
Brooklyn
2015 – IMDB: 7.5
Saoirse Ronan, Emory Cohen
ذروة فيلم بروكلين (الرحلة إلى بروكلين)
لا شك أن رحلة أليس في الوصول إلى أمريكا لم تكن بالأمر السهل. لكنها استطاعت تدبر أمرها في النهاية، وتمكنت من الحصول على فرصة عمل مستقرة.
لكن التغيير الحقيقي في حياة أليس يبدأ بعد معرفتها بشاب إيطالي الجنسية. فتنشأ قصة حب ساحرة بينهما تضفي للفيلم جانبا رومنسيا لطيفا.
وبعد بزوغ شمس الحب في حياة أليس. تتغير شخصيتها بدرجة كبيرة، فتبدأ بالاهتمام بنفسها، كما تصبح أكثر ثقة بنفسها، وأكثر نجاحا وقوة.
لكن الحياة لا تسير دوما كما نريد. تعاكسنا الأقدار أحيانا وتضطرنا لسلك طرق ملتوية بعد أن ظننا أننا وجدنا الاستقرار أخيرا. وهذا ما حدث مع أليس.
فقد فُجعت أليس بنبأ وفاة شقيقتها إثر نوبة قلبية أثناء النوم. وقع الخبر عليها كالصاعقة، فاضطرت للعودة إلى موطنها إيرلندا لواجب العزاء والوداع الأخيرة لداعمتها الأولى روز.
بعد العودة إلى إيرلندا تلقت أليس عرضا بالعمل بدلا من شقيقتها، كما حاول أحد الأشخاص المهمين التقرب منها. هنا تصبح أليس بين خيارات صعبة، فهل تعود إلى أمريكا حيث بزغ حلمها للمرة الأولى، وحبها الأول، أم ستبقى في موطنها الأم؟
نجاح فيلم Brooklyn
لا أريد أن أحرق أحداث الفيلم أكثر من ذلك. سأترك لكم هذا الجزء مجهولا في حال رغبتم بمشاهدة الفيلم الذي أنصحكم بمشاهدته بكل تأكيد.
فيلم بروكلين مأخوذ من رواية للكاتب الإيرلندي كولم تويبين، وإخراج جون كرولي. أما مهمة تحويل النص إلى سيناريو فقد نجح فيها الكاتب البريطاني نيك هورنبي. وقدم لنا سيناريو عظيم لم يغير مضمون الرواية، بل نجح في تجسيدها بشكل رائع مع تغيير بعض التفاصيل التي منحت العمل جمالا إضافيا.
ويعتبر فيلم بروكلين من الأفلام التي حققت نجاحا كبيرا عند عرضها في دور السينما. كما برع ممثلو الفيلم في أداء أدوارهم باحترافية عالية.
وقد نجح الفيلم في كسب آراء المشاهدين والنقاد على حد سواء. فالعمل متكامل ويعكس جوانب عدة، ويعبر عن الإنسان في مختلف مراحله، ولن ينسى الجانب الرومانسي اللطيف أيضا.
والفيلم تدور أحداثه في الخمسينيات، وهذا ما برع المخرج في إظهاره. فخلال مشاهدتك للفيلم لن تشك أبدا أن تصوير الفيلم تم في زمن آخر.
كما اهتم الفيلم بكافة التفاصيل التي تجعله يبدو حقيقيا. سواء من حيث الديكور الملائم للحقبة الزمنية، أو اختيار الملابس المناسبة لزمن الفيلم وشخصياته. ولن ننسى بالطبع الموسيقى التصويرية وتوظيفها الصحيح في معظم المشاهد.
فيلم Brooklyn احتياجات إنسانية متجددة
ربما لن يفضل البعض فكرة الترويج للولايات المتحدة الأمريكية كبلد الأحلام، التي ركز عليها الفيلم في مشاهد عدة. ففي بعض الأوقات بدا الأمر كشيء مبتذل، لكنه لم يقلل من متعة الفيلم.
ختاما يمكننا القول أن الفيلم تمكن من لمس مشاعر كل من شاهده. وهذا بالتأكيد أحد أسباب نجاحه بالإضافة لبراعة المخرج.
فقد عبر الفيلم عن قضايا يمر بها عدد كبير من الناس بشكل يومي وفي كل أنحاء العالم. ورغم اختلاف زمن الفيلم عن زمننا الحالي وتغير الكثير من الأمور، إلا أن مشاكل الإنسان واحدة في كل الأزمنة. فمنذ القدم وهو يبحث عن الأمن والملاذ والحب والاحتواء والنجاح، ويسلك طرقا وعرة في سبيل ذلك.
آية جودة
كاتبة مقالات حصرية لموقع أفلام بلا حدود. صحفية وكاتبة محتوى فلسطينية.
كيف نستطيع خدمتك؟
يسعدنا الرد على استفساراتكم من خلال التعليقات أو الرسائل