الحياة مثل علبة شوكولاته، لا تستطيع أبداً أن تعرف ما الذي ستحصل عليه!

الخلاص من شاوشانك عن الفشل بأفضل طريقة!

كما ينضج الثمر في موعده المناسب والظروف المناخية الملائمة، كذلك نحن البشر. لكل منا حكاية تنضج على مهل، وتخرج إلى النور في وقتها المناسب تمامًا. هكذا يمكننا تلخيص قصة المخرج المجري فرانك داربونت مع فيلمه السينمائي الرائع “الخلاص من شوشانك”.

حين اختار فرانك داربونت قصة الفيلم المأخوذة من قصة قصيرة باسم ريتا هيوارث للكاتب ستيفين كينغ، لم يكن يتوقع لها مصيرًا كالفشل. فكان على ثقة تامة بقدرته على تحويل القصة إلى عمل سينمائي فريد قادر على جذب الجمهور وبث روح الأمل فيه، إلا أن الرياح لم تجري كما تشتهي سفينته.

قصة نجاح بعد فشل فيلم الخلاص من شاوشانك

فشل داربونت في البداية بإقناع كل من توم كروز وتوم هانكس، ونيكولاس كيدج بأداء دور البطولة في الفيلم. يرجع ذلك لمسيرته الإخراجية القصيرة، وخوفهم من تأثير ذلك على نجاح الفيلم. لكن فرانك داربونت لم ييأس واستمر في المضي بفكرته، إلى أن عرضها على مورغان فريمان فتحمس الأخير لها وقرر خوض التجربة.

ولم تكن هذه العقبة هي الوحيدة في مسيرة الفيلم. فقد شك مؤلف القصة في البداية، بقدرة المخرج على تحويلها إلى فيلم سينمائي بسبب صعوبة ذلك. إلا أن المخرج تمكن وبإضافة بعض التعديلات من تحويل القصة إلى سيناريو مرن. كما تمكن من الحصول على تمويل لإنتاج الفيلم رغم صعوبة الأمر، وانطلق في تنفيذ الفيلم بذات الحماس الأول.

لكن الفشل لاحقه أيضًا عند عرض الفيلم. فلم يتمكن من جذب المشاهدين بعد عرضه في دور السينما، خاصة بوجود أفلام منافسة قوية كانت تعرض داخل السينما بنفس التوقيت. وهو ما دفع المخرج لإيقاف الناس في الشارع وإغرائهم بمشاهدة الفيلم مقابل إعادة نقودهم في حال لم يعجبهم الفيلم.

بعد سنة من العرض، ابتسم القدر أخيرًا لفرانك داربونت وترشح الفيلم لسبع جوائز أوسكار، ولم يحصل على أية جائزة منها. لكنه انتشر سريعا كانتشار النار في الهشيم فنفدت شرائط الفيديو الخاصة بالفيلم من الأسواق وحقق الفيلم نجاحًا مبهرًا. الأمر الذي دفع النقاد والجماهير للتعجب بسبب عدم فوز هذا الفيلم العظيم بأية جائزة من جوائز الأوسكار.

أما الآن فقد تصدر فيلم “الخلاص من شاوشانك” قائمة الأفلام الأكثر الأعلى تقييما على موقع IMDB.

الخلاص من شوشانك

The Shawshank Redemption

1994 – IMDB: 9.3
Tim Robbins ,Morgan Freeman

قصة فيلم الخلاص من شاوشانك (الأمل شيء خطير)

أما أحداث الفيلم فتدور حول شخص يتم اتهامه بقتل زوجته وعشيقها بعد أن اكتشف خيانتها له. ورغم إنكاره اقتراف الجريمة، إلا أن وجود عدة أدلة تدينه، أوقعه في سجن مؤبد داخل المؤسسة الإصلاحية شاوشانك، ومن هنا تتسارع الأحداث وتقوده وتقودنا معه إلى مفاجآت عدة تحمل في طياتها الألم والأمل في آن واحد.

وتمكن الفيلم من تسليط الضوء على السجناء والعاملين في السجن ودوافع كل شخص وعالمه الداخلي الخاص به. ونجح في جعل شخصيات الفيلم قريبة من المشاهدين، دون الدخول في ملل التفاصيل الرتيبة.

فيلم الخلاص من سجن شاوشانك

تظافر الجهود أدى إلى نجاح فيلم الخلاص من سجن شاوشانك

ولا يمكن للمشاهد أن يغفل عن دور أبطال الفيلم تيم روبينز ومورغان فريمان في أداء الشخصيات وإتقانها وإظهار ملامحها بالشكل المطلوب تمامًا دون ابتذال أو ملل.
كما استطاعت الموسيقى التصويرية المستخدمة في الفيلم إضفاء تأثير جميل على عدد من المشاهد، خاصة المشاهد الأخيرة من الفيلم.

ورغم قلة الخبرة الإنتاجية لدى المخرج. إلا أنه استطاع أن يبرهن للجميع قدرته الفذة في ترجمة السيناريو إلى عمل سينمائي متقن واستخدام الأدوات بمهارة وتوظيفها في سياق صحيح لخدمة النص. وهنا يمكننا القول بأن أبطال الفيلم كانوا محظوظين لعملهم فيه. وربما لحق الندم بأولئك الذين رفضوا خوض التجربة بسبب عدم ثقتهم في قدرات المخرج حديث العمل الإخراجي.

وبالتأكيد لا يمكننا إغفال دور الكاتب المبدع ستيفن كينغ، الذي شكل مع المخرج فرانك داربونت ثنائي مبدع ورائع. عمل على إثراء السينما العالمية بمجموعة من الأعمال التي لاقت رواجًا واستحسانًا كبيرًا من الجمهور والنقاد على حد سواء.

فوقوف ستيفن كينغ بجانب فرانك ساعده بشكل كبير في تخطي كثير من العقبات، أهمها إفلاسه. حيث رخص كينغ حقوق قصته “المرأة في الغرفة”، مقابل دولار واحد، ثم باعه قصة الخلاص من شاوشانك ليتم تحويلها إلى فيلم. وتشاركا معا في عدة أعمال ناجحة أخرى أحبها الجمهور، ومازلت تحظى بنسب مشاهدة وتقييم مرتفع حتى يومنا هذا.

الخلاص من شوشانك

فيلم الخلاص من شاوشانك يصلح لكل زمان

إذًا لو حاولنا سرد قصة تتحدث عن الأمل وتكرار المحاولة رغم كل العقبات، فربما قصة مخرج فيلم الخلاص من شاوشانك هي الأنسب على الأطلاق. فمن فيلم يعرض مخرجه على الجمهور مشاهدة فيلمه دون مقابل، إلى فيلم أصبح الأكثر مبيعا ومشاهدة.

هكذا يبدع القدر في كثير من الأحيان، بتغيير ما يفقد الإنسان الأمل في تغييره رغم اتساع رقعة المحاولات. لكن وبشكل مفاجئ يحدث هذا التغيير لأهون الأسباب وأبسطها، ودون جهد يذكر.

بالتأكيد فيلم الخلاص من شاوشانك من الأفلام المميزة التي ننصح بمشاهدتها. فرغم مرور ما يزيد عن 25 عام على إنتاجه، لكنه تمكن من إثبات نفسه كفيلم متجدد. لا يعبر عن زمنه فقط، بل يصلح لمختلف الأزمنة، فهو يخاطب دواخل الإنسان ويعبر بوضوح عن مشاعره المتضاربة خلال رحلة حياته. كما يبعث في نفسه الأمل رغم كل ما يحيط به من مصاعب.

آية

آية جودة

كاتبة مقالات حصرية لموقع أفلام بلا حدود. صحفية وكاتبة محتوى فلسطينية.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

انضم إلى قائمتنا البريدية

كيف نستطيع خدمتك؟

يسعدنا الرد على استفساراتكم من خلال التعليقات أو الرسائل

تواصل معنا