الحياة مثل علبة شوكولاته، لا تستطيع أبداً أن تعرف ما الذي ستحصل عليه!

فيلم زومبي أم رحلة حياة؟

فيلم زومبي رعب ودراما عن رجل يكافح من أجل إنقاذ ابنته في عالم مليء بالكوارث، تجربة سينمائية عاطفية ومثيرة تستحق المشاهدة.

(قد يحتوي هذا الموضوع على حرق لبعض أحداث الفيلم)

حين يضيق المكان رغم اتساعه

يقحمك الفيلم من البداية في مفارقة عجيبة. فضاء مفتوح، وعلى زورق تعيش عائلة صغيرة، الزوج إندي و الزوجة كاي و ابنة رضيعة تدعى روزي. يبدو الأمر وديعًا ومميزًا لكنّك ستلحظ المحيط القاحل من حولهم. مركب مكسّر و مهجور، امتداد لأرض موحشة تراها من بعيد و تتوجّس منها خيفة. و تفهم أنّ مركبهم وسط الماء، هو ملجأ من خطر محيط. الحياة صعبة و الحاجيات اليومية كثيرة، وأحيانا لابد من المخاطرة. ذلك ما ستفعله كاي حين تذهب إلى المركب المهجور، لتجميع بعض الحاجيات. إلا أنها تتعرّض لحادث ينتج عنه جرح عميق في رجلها.

الوصية: أنقذها

يصرّ أندي على أخذ كاي إلى المستشفى. يركب الزوجان سيّارة خلّفها صاحبها، ومعهما ابنتهما الرضيعة. تلاحظ كاي آثار دم و قد تبدّل لونه و تخثّر على المقعد الأمامي للسيّارة. يخاف الزوجان، و يرحلان بسرعة، ثم يتوقفان على جانب الطريق، لينظر هو في خارطة وتغيّر هي للرضيعة، و فجأة تقع أرضًا، و يبدو أنها أخذت في التحوّل إلى زومبي و مع ذلك يصرّ أندي على المستشفى. بعدها تكتشف هي أن دمها بدأ يتحوّل إلى ذلك السائل المتخثر الغريب. تطلب النزول من السيّارة، وتحاول ذلك عنوة، يوقف السيّارة فتنزل، وتحاول إقناعه بالهروب مع روزي. لكنّه يرفض و يضعها في السيّارة من جديد، و يبقى يراقبها أثناء القيادة.

و في غفلة منه تكاد السيّارة تصدم زومبي، يحاول إندي الابتعاد عنه، فيتعرّض إلى حادث مرور، تصطدم السيّارة بشجرة، يخترق غصن منها بطن زوجته، ويفقد هو الوعي. و حين يستفيق يقرأ على باب السيّارة أسفل النافذة جهة كاي “أنقذها” وصيّة كتبتها كاي بدمها و كانت قد تحوّلت فعلًا، هجمت عليه تريد أكله وعضّته من ذراعه أفلت منها، وأخرج روزي من السيّارة و بعدها عاد إلى زوجته يساعدها على الموت الرحيم.

Cargo

IMDb RATING: 6.3 – 2017
Simone Landers, Martin Freeman

الهروب إلى الأصل

يضطر بعد ذلك إلى التحرّك، لا بد أن يسرع في إنقاذ روزي، و الوصول بها إلى مكان آمن، قبل أن يتحوّل هو أيضا إلى زومبي. رحلة الهروب هذه تقوده إلى إيتا، امرأة تعيش وحدها في منزل معزول، كانت مدرّسة و غادرها تلاميذها. تعرض عليه قضاء الليلة في منزلها، و الرحيل صباحًا. في الخارج يتجمّع البقية ليعيشوا بشكل بدائي، و قد اختاروا التخلّص من التحضّر و المدنية.

ابتعد عن النار

المستشفى الذي كان يقصده أغلق، وما عاد يقدّم خدماته. تظهرعلى إندي بداية الأعراض، الوقت ضيّق ولا بد من التحرك في الصباح. إيتا تعطيه صورة لها مع ويلي بيل و ابنته ثومي، وعلى الصورة تتعرّف إلى تلك الفتاة الغريبة التي تعتني بالزومبي. فتاة سمراء أعلن عنها المخرج من البداية، و كان يحرّكها بالتوازي مع إندي و كاي، يعود إليها من حين إلى آخر وهي تحرس زومبي وتلقي بالطعام إلى هذا الكائن المتوحش. ثومي حسب معلمتها ذكيّة و طيبة، وتنصحه بالعودة إليها إذا كان يريد منح روزي فرصة للحياة، وتطلب منه أن يبتعد عن النيران، لأنّ بها جماعات صيد لتطهير المنطقة من المرضى.

الاستفادة من الكارثة

في الطريق يجد شاحنة فيحاول فتحها. يطلق عليه رجل النار، فيستيقظ النائمون من المتحولين إلى زومبي. صاحب الشاحنة يعرض عليه تبادل المساعدة، بما أنّه عالق تحت قوارير غاز. يخلّصه إندي منها و يسمح له فيك بركوب الشاحنة، ليتبين فيما بعد أن فيك صيّاد زومبي، و مجمّع ثروات، استعدادًا للسلطة حين تعود الأوضاع إلى طبيعتها. لكن بالنسبة لإندي الأزمات تتالى، وحتى ثومي وقعت في قفص الصيّاد فيك لتكون طعمًا للزومبي.

فيلم زومبي أسترالي بملامح خاصة

أفلام الزومبي لا تخرج عادة عن نمطية الصراع بين مصابين تعرضوا إلى مرض خطير حوّلهم إلى موتى أحياء. وبين بشر أسوياء يحاولون الإفلات و البقاء على قيد الحياة. وعادة ما يجري ذلك في الشوارع وداخل المدن. حيث تتكاثر أعداد المصابين و يحتدم الصراع من أجل البقاء. لكنّ فيلم شحن Cargo يشذّ عن القاعدة. لا في تطويره لنموذج الزومبي، ولكن في قلّة مشاهد المواجهة الدموية على إثر الاحتكاك بهم.

الزومبي الأسترالي بملامح متفردة، إذ يحمل طاقة كبيرة من المشاعر، و يضحي من أجل غيره. رجل يحمل على ظهره بنتًا صغيرة في رحلة إنقاذ من أجل بداية جديدة، صورة أبعد ما تكون عن الزومبي المتشنّج و العنيف والمفترس. إندي زومبي قوي بقلبه وعقله. رحلته في الفيلم ليست رحلة صدام و معارك ودماء، إنما هي رحلة البحث عن الدواء و عن الحل و عن المستقبل.

رسائل إنسانية نفسية وفكرية في فيلم زومبي ؟

ربما أراد الفيلم أن يكثّف من الإحساس بالتعاطف مع الشخصيات. خاصة الأب الذي يسابق الزمن لإنقاذ ابنته قبل أن يتحوّل بدوره إلى زومبي تائه في فضاء الطبيعة المفتوح بأستراليا، الذي وقع اختياره مكانًا للأحداث. و بهذا يكون الفيلم قد حقق قدرًا من الخصوصية و كثيرًا من الإنسانية. و ولعلّه ركّز على مجموعة أخرى من الرسائل النقدية، التي سيكون عليك تجميع أجزائها في ثنايا الفيلم.

الامتداد القاحل للأرض الأسترالية في مقابل نزعة الانغلاق على الأجناس البشرية الأصلية. الحضارة الإنسانية و ما جلبته من وبال على البشرية بحيث كانت العودة إلى البدائية الأولى هي الملاذ. الشعوذة و السحر و الخرافة التى ظلت تسيطر على الإنسان رغم تطوره الرهيب. الجشع والتوحّش لدى الإنسان الذي يصعب أن يتخلّص من حيوانيته إذ يبقى مدفوعا بنزعة الاستثراء والسيطرة مهما كان الثمن. الحقيقة، في الفيلم لديك العديد من وقفات التأمل و التفكير.

متعة بصرية و تأمّل فكري

غير أن التركيز على الجانب النفسي التفاعلي في الفيلم، لم يمنعه من تحقيق الإثارة والتشويق. فخلال رحلة إندي لإنقاذ روزي يلعب عنصر المفاجأة دوره. وتتواتر الأزمات، عقد وانفراج بالتداول. يضغط الفيلم على أعصابك و يشدك إليه في ذهول. وأنت تتابع شخصية الزومبي إندي بطل الفيلم و تتابع معه العدّ التنازلي ما قبل التحوّل. و ينشغل بالك على الرضيعة روزي و مصيرها المجهول. إطار زماني ضيّق، و رحلة صعبة و شائكة، ما يزيد الأمور تعقيدًا.

أما كل الشخصيات في الفيلم فعرضية، و يقتصر دورها على إعادة تكييف دور البطل بالتوجيه والمعلومة أو المساعدة في حل الأزمة. لكنّها لن تكون سطحية. فالمخرجان من خلال لعبتهما السينمائية سيسلّمانك مسؤولية التعمق فيها، و البحث عن كوامنها.

حول فيلم (شحن Cargo)

فيلم دراما ورعب وخيال علمي أسترالي
المخرج: بن هولينج Ben Howling ، ويولاندا رامكي Yolanda Ramke
السيناريو: يولاندا رامكي Yolanda Ramke
تمثيل: مارتن فريمان Martin Freeman ، سيمون لاندرز Simone Landers ، كارين بيستوريوس Caren Pistorius ، كريس ماكواد Kris McQuade

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

انضم إلى قائمتنا البريدية

كيف نستطيع خدمتك؟

يسعدنا الرد على استفساراتكم من خلال التعليقات أو الرسائل

تواصل معنا